وضع العميد صادق دويد، الناطق الرسمي باسم المقاومة الوطنية، النقاط على الحروف، في مقالٍ استعرض خلاله، بشفافية، الاختلالات المستوجب تقويمها لتقوية سلوك وتوجهات المعركة التي يخوضها الشعب اليمني ضد المشروع الإيراني التوسعي وأدواته (مليشيا الحوثي).وأورد الناطق باسم المقاومة الوطنية سلسلة من الأسانيد والمُعطيات، التي اعتمد عليها في رسم صورةٍ كاملةٍ أفردها لتقديم تصوّر شامل عن طبيعة المعركة ضد المليشيا الحوثية، وما يرافقها من خطاب شمولي يحتاج لإعادة النظر والتصويب من أجل تصميم خطاب وطني موجّه ضد العصابة الحوثية بشكل دقيق وهادف.وتناول العميد دويد، في مقاله الذي جاء تحت عنوان ("الولاية" هي الكارثة... كيف استطاع الكهنوت الترويج لنفسه وتحشيد البسطاء حوله؟)، مجموعة من الأحداث والمواقف التي تعاملت معها المليشيا الإرهابية بمزاعم المظلومية وانتقاء الخصوم للوصول في النهاية إلى هدفها الاستراتيجي المتمثل في إخضاع الجميع لمشروعها المتطرف.نص المقال"الولاية" هي الكارثة..كيف استطاع الكهنوت الترويج لنفسه وتحشيد البسطاء حوله؟هذا سؤال استراتيجي يجب علينا- نحن اليمنيين- المناهضين لمصادرة حريتنا وكرامتنا، التوقف أمامه طويلًا، وسنكتشف في ملاحظة وجيزة أن تكتيكاته في تضليل المجتمع، هو أحد الأسباب ولكن ليس كل السبب؛ إذ إن أداء المعسكر الوطني المناهض له وفر له أسبابًا إضافية وتلك هي الحقيقة المرة.لقد صرف مناهضو الحوثي، أو معظمهم على الأقل، الكثير من الجهد والوقت في كشف سوءته وتعرية مساوئه، لكن بعض ذلك الجهد خدم الحوثي ولم يضره بفعل العفوية وعدم الدقة في تحديد أين تكمن مشكلتنا مع هذه الآفة البشرية بالضبط، وبرأيي أن أول أولوياتنا في هذه المرحلة هي تحديد مشكلتنا بالضبط مع مليشيا الكهنوت، والتركيز على الأمور الكارثية التي يتسبب بها في حق اليمن واليمنيين وهي "الولاية"؛ الفكرة العنصرية الاستعبادية المنتمية إلى أظلم وأسوأ ما في تاريخ البشرية من ظلام وسوداوية وسوء.تعالوا نستعرض أولًا كيف كان التكتيك الإيراني في تفريق اليمنيين لمصلحة المشروع الكهنوتي، وما الذي يفترض باليمنيين أن يقوموا به تجاه هذا التكتيك الذي تسبب في ضياع الدولة اليمنية وإغراق اليمن بالدم والدموع:التضليل والكذب سمات لصيقة بالحركة الحوثية منذ بداياتها الأولى، روجت لـ"مظلومية" لم يكن لها وجود، واستعطفت بادعائها الداخل والخارج، وحين قويت شوكتها واليمنيون في خضم صراع سياسي؛ انتهجت سياسة "التحييد" لتحقيق مشروعها الخبيث غير القابل للشراكة.تحييد الخصوم للاستفراد بهم الواحد تلو الآخرخلال الحروب الست، لم تمسّ مبادئ الجمهورية والديموقراطية بسوء واختلقت لنفسها مظلومية عدمية، في ذات الفترة، أوصلت رسائل للقوى والأحزاب السياسية بأن ليس لديها أي عداوات تجاه أحد إلا مع النظام، ووجهت لمنتسبي الجيش والأمن (خصوصًا من أبناء المحافظات الجنوبية) خطابًا استعطافيًا مضللًا مفاده أنهم شركاء معها في "المظلومية" وأن عليهم ألا يقفوا مع النظام ويجنبوا أنفسهم الحرب (التي كان يسميها البعض عبثية). وحين قويت شوكتها، أقصت جميع القوى والأحزاب، وهجمت على الجنود ورمت كل أكاذيبها خلف ظهرها.أثناء مؤتمر الحوار، قدّم الحوثي رؤية مخادعة وخطابًا كاذبًا عن الشراكة والدولة المدنية والحقوق والحريات، وحين تمكن من صنعاء فرض الخُمس ومدونة السلوك العنصرية ومبدأ الولاية، وقمع الحريات وسلب الحقوق وصادر الحياة العامة والخاصة وأفرغ كل معاني الجمهورية.دمّاجكان واضحًا منذ هجومه على "دماج" أنه بدأ مشروعه لتصفية محافظة صعدة من أي لون لا يدين له بالولاء؛ فبعد أن قضى على مظاهر الدولة في المحافظة، اتجه إلى التخلص من السلفيين.تحجج بالأجانب الوافدين إلى دماج وألصق بهم تهمة الداعشية، ولكنه طرد جميع السلفيين في النهاية محليين وأجانب.قبيلة حاشدفي بداية المواجهات معها؛ خاطب أبناء قبيلة حاشد بأنهم هم وجماعته إخوة وليس لهم غريم غير أسرة آل الأحمر وليست الأسرة بالكامل، إنما هم "فلان" و"فلان". واتفق مع القبائل أن ما لجماعته غير الخط الأسود.. وإذا به في النهاية يجتاح حاشد كاملة.محافظة عمرانحشد مقاتليه على أطراف مدينة ومحافظة عمران بذريعة المطالبة بتغيير المحافظ وقائد اللواء ٣١٠ مدرع، وإذا به يحتل المحافظة ويستولي على ما فيها وينقل ممتلكات ومعدات الدولة والجيش إلى صعدة.العاصمة صنعاءاستعطف مشاعر الناس عبر لقمة عيشهم رافعًا شعار إسقاط "الجرعة" كذريعة، موهمًا في ذات الوقت الخارج وأطرافًا دولية بأن هدفه من دخول صنعاء هو قمع مراكز القوى، ولما تمكن انقلب على الدستور وأقصى وحبس ونكل ونقل ما استطاع أن ينقله من معدات وأصول الدولة إلى صعدة.الجنوباجتياح الحوثي لعدن كان منعطفًا آخر من منعطفات سقوط أقنعته، حيث كان الاجتياح الهمجي مناقضًا لادعاءاته الدائمة بأنه شريك للجنوبيين في المظلومية. ومنذ ذلك التاريخ ورغم هزيمته المدوية وطرده من هناك، فإنه مستمر حتى اليوم في استهداف المحافظات الجنوبية بالصواريخ والطيران المسيّر، وجبهات الضالع ويافع وكرش وغيرها التي لا تهدأ خير شاهد.في المقابل استفاد عبدالملك الحوثي من الخطاب التعميمي أو الشمولي لخصومه، ولم يكن بالضرورة خطاب الشرعية الرسمي إنما جزء من خطاب العامة وكان هذا الخطاب بالنسبة للحوثي هدايا قيّمة ساعدته بشكل كبير في التحشيد والتجييش.. وتركز ذلك في ثلاث دوائر:الدائرة الأولى: التعميم بأن كل هاشمي حتمًا حوثي. وهذا خطأ علاوة على أنه غير صحيح (لدي مقال منفرد حول هذا الموضوع).الدائرة الثانية: "الزيود" وهي دائرة أوسع، فكل زيدي بالضرورة حوثي، وهذا خطأ آخر جسيم ومجانب للحقيقة.والهدية الثالثة وهي الأكثر كارثية واتساعًا هي شيطنة ما تسمى بالهضبة.الحوثي قال للهاشميين هذا حقكم المغتصَب قاتلوا لاستعادته، فأخذ منهم أولادهم ودفع بهم في خصومة أمام شعب بأكمله، وقال للزيود أنا من يدافع عن مذهبكم فأرسل أولادهم إلى المهالك وأعادهم مجرد صور وتوابيت. ويقول لأبناء المحافظات التي يسيطر عليها أنتم مكروهون، محيطكم اليمني والإقليم متآمر عليكم. التفوا حولي أنا مخلّصكم.أي خطاب هذا الذي لا يمت للذكاء والسياسة بِصِلة، خطاب يهب الحوثي ما لا يملك ويمده بالقوة ويزرع الألغام لأجيال وأجيال، وأي طريق خاطئ ليمننا المنشود؟!يجب علينا ألا نزيد الطين بِلة؛ فيمننا ينزف وشعبنا مثقل بالجراح. نحن نؤمن بقيم الثورة اليمنية العظيمة 26 سبتمبر و١٤ أكتوبر وأهدافها السامية، والجمهورية والديموقراطية والمواطنة المتساوية، علينا أن ننتصر لما نؤمن به وأن نركز معركتنا ضد القيم الفاسدة التي تحملها المليشيا ومن شأنها استعباد اليمنيين لأجيال وأجيال.لن ننتصر بالعنصرية المضادةمواجهة الحوثي يجب أن تستهدف جوهر فكرته ومشروعه العنصري والاستعبادي وهو "الولاية" والعنصرية السلالية، وقادة المشروع عبدالملك الحوثي وأخيه الهالك وأبيه وزمرتهم المقربين، وكل من يؤمن بمشروعهم التدميري ويعمل على تحقيقه، كائنًا من كان.علينا القيام بحملة شعبية تتبعها خطوات حكومية جادة لرفض وتجريم فكرة الولاية والعنصرية السلالية ودعوات الاصطفاء والحق الإلهي.علينا أن نوصل صوتنا إلى كل بقاع العالم والدول الكبرى ومجلس الأمن والمنظمات الدولية؛ أن مشكلتنا مع الحوثيين أبعد من الصراع العسكري أو الصراع على الموارد؛ نحن شعب يرفض الولاية، لا سلام ولا استقرار ولا تعايش مع جماعة عنصرية تحمل فكرًا ظلاميًا.