في صُلب مخطط مليشيا الحوثي لطمس الهوية اليمنية، استهداف الموروث الثقافي والتاريخي الوطني، الذي يشمل معالم اليمن التاريخية والأثرية، باعتبارها جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية الجامعة التي تندمج فيها مجموعة من العناصر والعوامل المتشابكة؛ كالعادات والتقاليد والقيم والدين واللغات، والتي تشكل معًا نسيجًا اجتماعيًا وثقافيًا فريدًا.
سعت مليشيا الحوثي، وتسعى من خلال هذه الأعمال إلى تقويض هذا النسيج، وفرض هوية بديلة تخدم مصالحها الضيقة، وهذا ما يفسر إهمالها المتعمد للمواقع التاريخية والأثرية التي تتهاوى تحت تأثير التغيرات المناخية، بعد تركها لأكثر من عقد دون ترميم وجعلها فريسة للظروف الطبيعية، رغم أهميتها التاريخية والثقافية.
أمام أنظار المليشيا الإرهابية التي لا تحرك ساكنًا، تنهار صروح الحضارة اليمنية العريقة، حاملة معها تراكمات قرون من التاريخ والإبداع، فمنازل صنعاء التاريخية وزبيد، اللتين تحتضنهما قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تتآكل معالمها الأثرية بفعل الأمطار الغزيرة، ما يهدد بإزاحة صفحات مشرقة من الحضارة اليمنية.
والخميس الماضي، أعلنت الهيئة العامة للآثار والمتاحف تضرر أجزاء من قلعة زبيد الأثرية بمحافظة الحديدة الساحلية جراء الأمطار الغزيرة، حيث انهار الجزء العلوي للقلعة من الجهة الشمالية، وتساقطت أجزاء من أسقف الثكنات الغربية المخصصة لمتحف الموروث الشعبي، كما تضرر أحد أبراج الجهة الشمالية من سور مدينة ثلا التاريخية في محافظة عمران، شمالي صنعاء.
وأدت الأمطار الغزيرة إلى انهيار أحد القصور التاريخية في صنعاء القديمة، وهو قصر يقع في حي "بستان السلطان" تُرك مهملًا لسنوات دون أي ترميم ليصل إلى هذا المصير، في حين تشير التقارير إلى وجود أكثر من 100 مبنى تاريخي في صنعاء القديمة معرضة للسقوط والانهيار.
ويوم أمس، انهارت أجزاء من سور قلعة رداع التاريخية التي يعود تاريخها إلى منتصف القرن الثالث الميلادي، بسبب تجمع مياه الأمطار وانسداد أماكن تصريفها نتيجة استخدامها من قِبل مليشيا الحوثي ثكنة عسكرية منذ العام 2014، ما أحدث أضرارًا كبيرة فيها، إضافة إلى أضرار في منازل وممتلكات المواطنين بمحيط القلعة.
وخلال السنوات الماضية، أدارت عصابات تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية عمليات تهريب منظمة للآثار اليمنية إلى الخارج، بالتوازي مع عمليات نبش وتخريب للمعالم الأثرية بحثًا عن الدفائن واللُّقى الأثرية بطريقة غير قانونية بهدف نهبها وبيعها.