تحت وطأة السيول الجارفة والمفاجئة، تحولت مديرية ملحان بمحافظة المحويت، منذ البارحة، إلى مسرح مأساة حقيقية، بعدما حصدت الفيضانات الأرواح ودمّرت المنازل، تاركة مئات العائلات منكوبة بلا مأوى، وسط حالة من الأسى خيمت على الأهالي بعد هذه الفاجعة المروعة.
في مشهد مؤثر يعكس حجم الكارثة، انتُشلت جثث أطفال ونساء من تحت الأنقاض، فيما لا يزال مصير العشرات مجهولاً، في وقت يواجه سكان المنطقة صعوبات بالغة في عمليات البحث والإنقاذ، وسط نقص في المعدات والإمكانيات، وتضاريس جبلية وعرة تزيد من تعقيد الموقف أمامهم للوصول إلى المفقودين.
وحتى الآن، تشير الإحصائيات إلى أن السيول أسفرت عن وفاة وفقدان نحو 33 شخصاً، وتدمير 28 منزلاً وجرف 5 سيارات، فضلاً عن تدمير عشرات المزارع وقطع كافة الطرق المؤدية للمناطق المنكوبة.
ولم تقتصر المأساة على الخسائر في الأرواح والممتلكات؛ بل امتدت لتشمل غياب أي دعم حقيقي من قِبل مليشيا الحوثي التي تسيطر على المنطقة، والتي تركت الناس لمصيرهم دون أي تدخل يُذكر لمساعدتهم على مواجهة الكارثة.
والأفدح والأنكى ما أكده الأهالي أنهم بينما كانوا يكافحون من أجل البقاء، كان مشرفو المليشيا الحوثية في القرى المحيطة بالمنطقة المنكوبة يواصلون جمع الجبايات من المواطنين باسم "المولد النبوي"، الحدث الذي تستغله المليشيا لأغراض طائفية ومادية، وتبدأ ترجمته مبكراً قبل أوانه من خلال هذه الحملات.
وفي وقت تخلت المليشيا عن المساعدة، ناشد السكان في المناطق المنكوبة القبائلَ المجاورة التدخل وتقديم العون لهم، خاصة وأن المليشيا الإرهابية لا تزال تمنع المنظمات الإنسانية من تقديم أي مساعدات، الأمر الذي يضع الأهالي في مواجهة مباشرة مع هذه المأساة في ظروف شديدة التعقيد.
وتكشف الكارثة، التي حلت بمديرية ملحان، الوجه القبيح للمليشيا الحوثية، كما أظهرت مدى استعدادها للتضحية بحياة المدنيين من أجل تحقيق أهدافها السياسية، والتخلي عنهم عندما يكونون أحوج للمساعدة.
وليست المحويت وحدها التي واجهت هذا التجاهل من قِبل مليشيا الحوثي؛ فقبل أسابيع كانت محافظة الحديدة، ولا تزال تعيش الكارثة نفسها تحت تأثير التغيرات المناخية، إلا أن المليشيا رفضت مساعدة المنكوبين؛ بل منعت حتى جهات إنسانية، مثل خلية الأعمال الإنسانية في المقاومة الوطنية، من التدخل ومساعدة المتضررين.