بدأ اليمنيون هذا العام احتفالاتهم مبكراً بثورة 26 سبتمبر، مما يمثل تنامياً للوعي الوطني ويلخص جوهر الانتماء الشعبي لهذه الثوّرة التي كانت ولا تزال الانعطافة الخالدة في تاريخ اليمن نحو الآفاق الأفضل والأرحب، فبمجرد حلول شهر الثورة "سبتمبر"، غُمرت منصات التواصل الاجتماعي بمحتوى يخلد ذكرى الثورة، وهو دليل تحدٍ شعبي واسع ومباشر للإمامة الجديدة وداعميها في طهران.
بينما كان الحوثيون يحشدون لأسابيع لتنظيم احتفالهم السنوي بالمولد النبوي، وهو حدث تستثمره المليشيا ماديا وطائفيا، كان اليمنيون يقاومون هذا النشاط الطائفي بموجة من الحماسة الوطنية المنقطعة النظير، ما أظهر حجم التناقض بين أجيال الثورة اليمنية وأعداء الجمهورية الذين عملوا جاهدين لسنوات على محو 26 سبتمبر من الذاكرة الوطنية، لكنهم عجزوا عن ذلك.
ويرى مهتمون، أن هذا الاحتفال المبكر والواسع النطاق لم يأتِ أو يحدث بالصدفة، بل جاء تتويجا للنشاط الشعبي العريض المناهض للمشروع الإيراني، ولتقديم صورة واضحة المعاني والدلالات للمليشيا، بأن ثورة الـ26 من سبتمبر كانت وما تزال هي الحق الأصيل للشعب ومنطلق الانعتاق من ظلام الإمامة والكهنوت، وأن محاولات اجتثاث إرثها وأمجادها الخالدة مجردَ عبثٍ وهدرٍ للوقت من قبل وكلاء إيران.
ومن المتوقع أن تتوج الاحتفالات المبكرة، التي اتسمت برفع الأعلام الجمهورية، والصدح بالأغاني الوطنية، والدعوات العامة إلى انتفاضة شعبية ضد الحوثيين، باحتفالات واسعة النطاق في المدن الكبرى عشية الـ26 من سبتمبر، وتكرار سيناريو العام الماضي عندما خرج السكان للاحتفال في مناطق سيطرة المليشيا رغم ما تعرضوا له من عمليات قمع واختطاف وملاحقة.
وقال صحفيون وكتاب، إن هذا الحراك الثوري الذي يتنامى عاما وراء آخر، يغذي حالة السخط الشعبي ضد المليشيا الحوثية، كما أن عمليات القمع الممنهج من قبل المليشيا ضد المحتفلين، تكشف لليمنيين بجلاء الخصومة والعداء الحوثيين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر ولكل ما يمت لها بصلة.
ووفقا لمراقبين، فإن هذا الزهو والاحتفاء يشكل استفتاءً تاريخيًا ضد أدعياء الإمامة الجُدد وإعادة تأكيد أهداف ثورة 26 سبتمبر 1962، حيث لا يقتصر الاحتفال على الداخل اليمني، بل حتى اليمنيين في بلدان الشتات حول العالم، يشاركون في هذا المهرجان المبكر الذي لا يدل إلا على روح التحدي والرفض لكل المشاريع التي تتعارض مع جوهر الـ26 من سبتمبر المجيد.
ويحمل هذا الطابع الفريد في الاحتفاء بالذكرى، دلالات عن تمسك اليمنيين بالثورة المجيدة كمصدر إلهام وانتماء، يستمدون منها الحافز الوطني والدافع الاخلاقي الذي يحتم عليهم مواصلة النضال في معركتهم المستمرة ضد مليشيا الحوثي الغاشمة، المشروع المتطرف الذي يستمد جذوره وخلفياته من مشروع الإمامة البائدة، لكنه يُجابه بإرادة يمنية صلبة يؤمن راودها أن الإيمان بـ26 سبتمبر والتمسك بها، في صلب التزاماتهم بالمعركة ضد المشروع الإيراني.