عندما وصف مسؤول في الحرس الثوري الإيراني الحوثيين في اليمن بأنهم "شيعة شوارع" قبل سنوات، أظهر الوصف، الذي لم يخلُ من التحقير والتسفيه، مدى استخفاف إيران بوكلائها في اليمن، الذين لا تعطيهم قيمةً تُذكر سوى أنها تستخدمهم أدوات رخيصة لتنفيذ أجندتها، كما هو حاصل اليوم في البحر الأحمر.
بينما كانت تعيش مليشيا الحوثي الإرهابية حالة من الزهو وهي تقدم نفسها بمثابة "المُناصر المخلص" لغزة، خرجت إيران لتؤكد أن ما يحدث في البحر الأحمر هو عمل إيراني بامتياز، وما الحوثيين إلا أدوات تستخدمهم طهران لتحقيق أغراضها لا أكثر، أي أن مزاعم المليشيا ليست أكثر من فقاعات مكشوفة.
التصريحات الأخيرة لقائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، بشأن استهداف السفن في البحر الأحمر، وهو ينسب هذه الهجمات لإيران "استهدفنا" كانت بمثابة إهانة صريحة لمليشيا الحوثي، التي تتطوع بالنيابة عن إيران في القيام بهذا الدور لكن وفق الإملاءات الإيرانية التي لا تخرج المليشيا عن إطارها مُطلقًا.
من الواضح أن إيران تعمل على مخطط إقلاق أمن الملاحة البحرية ليس في باب المندب والبحر الأحمر فقط؛ بل في المنطقة بشكل عام بدءًا من مضيق هرمز مرورًا بباب المندب وصولًا إلى قناة السويس، وفي هذه المنطقة برمتها لا متضرر سوى البلدان العربية؛ أما إسرائيل التي يُزعم أن هذه الهجمات ضدها، فاعتمادها الأساسي على الموانئ المحتلة المطلة على البحر المتوسط.
التسويق الحوثي لهجمات البحر الأحمر وما رافق ذلك من حملات دعائية مُضللة، لم تراعِه إيران، التي لم تضع أي اعتبار- ولو معنوي- لأداتها في اليمن، فخرج قائد الحرس الثوري ليقر بمسؤولية بلاده وراء هذه الهجمات وأنها في إطار ما أسماه "حرب السفن المشتعلة" منذ 6 سنوات، دون الإشارة لمليشيا الحوثي التي يتعامل معها الإيرانيون بوصفها مجرد أداة لا تستحق حتى أن تُذكر في معرض الحديث.
لقد كان معلومًا- منذ البداية- أن ما يحدث في البحر الأحمر مخطط إيراني بامتياز، صحيح أن الحوثيين طرف ضليع في تنفيذ هذا المخطط، لكنهم مجرد جماعة منزوعة القرار تتحكم بها إيران بالشكل الذي تريد، وما يسوّقه الحوثيون من هُراء غير هذا مجرد ذر للرماد على العيون.
يخدم الحوثيون المشروع الإيراني بإخلاص منقطع النظير، أكثر من أدوات إيران الأخرى في المنطقة، مع ذلك تتعامل معهم إيران بحالة من الازدراء والدونية، وكلما حاولوا بناء سمعة لهم عن طريق التضليل، تظهر طهران، وعلى لسان كبار مسؤوليها، لتفكك أكاذيب الحوثي وتكاشف الجميع أنها هي من تفعل وتدبر وتنفذ كل شيء، وما الحوثيون سوى أدوات تتحرك وفق المزاج الإيراني.