تهيئ مليشيا الحوثي الإرهابية لنصب المشانق لليمنيين باسم إنفاذ أوامر القضاء، عبر مشروعٍ بدأت عليه منذ سنوات، استهدف تغيير وإزالة القواعد القانونية والدستورية، التي تنظم عمل السلطة القضائية، وتحويلها من ملاذ للحصول على العدالة والإنصاف إلى أداةٍ لشرعنة الجرائم والانتهاكات التي تمارسها ضد اليمنيين.
ويأتي إقرار مشروع قرار تعديل قانون السلطة القضائية، مكملًا لتلك الخطوات التي بدأت المليشيا الإرهابية العمل عليها منذ سنوات، بالذات منذ عامين، عندما أنشأت ما سُمي "المنظومة العدلية" التي أوكلت مهمتها لمحمد علي الحوثي لمراقبة القضاة ونسف مبدأ الاستقلالية المضمون دستوريًا للسلطة القضائية.
وقُوبلت الخطوة الحوثية، الهادفة إلى تثبيت "المعمّمين الطائفيين" وإزاحة "رجال القضاء الشرفاء"، بحالة من السخط والرفض رسميًا وشعبيًا، وفي الأوساط الحقوقية والقانونية التي رأت في هذه الخطوة انتهاكًا صريحًا للعدالة ومؤشرًا على نية المليشيا العبث بالقوانين النافذة المنظمة لعمل القضاء بحيث يصبح مرهونًا كليًا لأوامر زعيمها "عبدالملك الحوثي".
ووصف مصدر في رئاسة الجمهورية ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي الإرهابية بالانتهاكات الجسيمة لقانون السلطة القضائية واستقلاليتها المحمية بموجب الدستور، والتشريعات الوطنية والدولية، وذلك في إطار العمل الحوثي الممنهج لتجريف الحقوق والحريات التي يكفلها القانون والتشريعات والمعاهدات الدولية.
وقال قضاة ومحامون؛ إن مليشيا الحوثي تسعى من خلال هذا القرار إلى "تطهير القضاء" من القضاة النزيهين، وحشر عناصرها السلالية في كافة مفاصل السلطة القضائية؛ حتى يتسنى لها استخدامها بالشكل الذي تريد دون أي معارضة.. مشيرين إلى أن عمليات القتل والنهب والجرائم اليومية التي تمارسها المليشيا الإرهابية ستُصبح مجازة قضائيًا وتُمارس بصفة قانونية زائفة عبر السلطة القضائية التي تنوي صناعتها.
وتسعى المليشيا الحوثية إلى تعيين قضاة غير مؤهلين، يُشترط فيهم ولاؤهم فقط، لفرض سيطرتها الكلية على القضاء، بحيث يكون هؤلاء القضاة مخولين بمنع المحامين من مزاولة المهنة تعسفًا، في انتهاك صارخ لمبادئ العدالة والاستقلال القضائي.
وتعكس هذه الممارسات، وفق حقوقيين، رغبة المليشيا في إعادة إحياء نظام قضائي متخلف يُعرف بـ"وكلاء الشريعة"، كان معمولًا به في العهد الإمامي البائد، بما يخدم مصالحها الضيقة، استنادًا إلى "تشريعات خاصة" تستحدثها المليشيا الإرهابية لتحويل القضاء إلى سلطة أخرى للقمع تعمل وفق المحددات التي تضعها.
ويحذّر الحقوقيون من أن القانون الحوثي الجديد سيكون بمثابة حبل ملفوف على أعناق المحامين، إذ سيتم استغلاله لتكميم أفواههم ومنعهم من تقديم الدفوع القانونية المشروعة دستوريًا، وذلك بهدف تمرير مخططات الجماعة وتثبيت واقع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.وهذا التوجه الحوثي الجديد مؤشر آخر إلى مدى العداء الذي تكنه المليشيا لثورة 26 سبتمبر ومكتسباتها؛ فالعامل الزمني لإصدار هذا القانون ليس مصادفة- بحسب مهتمين- بل هو رسالة صريحة بأن المليشيا تسعى جاهدة إلى القضاء على نظام العدالة الذي أسسته الثورة اليمنية المجيدة، وإعادة البلاد إلى النظام العدلي الرجعي الذي كانت تعيشه قبل سبتمبر 1962م.