لطالما سعت المليشيا الحوثية الإرهابية، على مدى سنوات، إلى فرض نموذج حياة مستوحى من النظام الإيراني، تتسلط فيه السلالة -بمزاعم الحق الإلهي على كل مناحي الحياة- إلا أن الوعي الجمهوري الراسخ، الذي يرفض التنازل عن كرامة الإنسان وحقه في العيش بحرية، شكل حصنًا منيعًا تصدى لكل محاولات المليشيا لتغيير هوية المجتمع بالقوة.
وسعيًا نحو إحداث تغيير شامل، يجرّف كل المكتسبات التي أنجزتها الجمهورية لليمنيين منذ ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، أطلقت المليشيا مخططًا لإزاحة كل هذه المكتسبات وتثبيت نظام جديد مستوحى كليا من إيران، يشمل كافة المؤسسات والدوائر الحكومية، عبر خروق دستورية ومجازر قانونية تُنحّي القوانين الأساسية وتستبدلها بأخرى وضعية.
بعد يومين فقط من تحوير المادة 57 من قانون السلطة القضائية، عبر مشروع قرار حوثي هدف إلى تأسيس "نظام القاضي الرقعة" أصدرت مليشيا الحوثي الإرهابية عبر ما يسمى رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط تعيينات لعناصر سلالية في مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا، وغيرها من الدوائر القضائية في إطار مخطط محكم لتقويض استقلال القضاء، وحصر مهمة العدالة في أيدي أسر سلالية معينة، وإزاحة وإقصاء كل القضاة الشرفاء الذين لا ينتمون إليها.
في ذات اليوم، ألغت المليشيا الإرهابية اللوائح التنظيمية للوزارات وأعلنت عن لوائح جديدة تخدم أهدافها في السعي نحو تثبيت نظام الولي الفقيه في اليمن، وتجريف قواعد وأسس ودساتير النظام الجمهوري الذي عاش تحت سقفه اليمنيون حياة الحرية والكرامة والعدالة والمساواة.
قرارات صادرة عن المدعو مهدي المشاط، أزاحت الستار عن فرض لوائح جديدة وإلغاء اللوائح السابقة لثماني وزارات، تتضمن المهام والاختصاصات العامة والتقسيمات التنظيمية الرئيسية، بحيث يتم بموجبها إلغاء جميع اللوائح والقوانين السابقة التي كانت تنظم عمل هذه الوزارات واستبدالها بأخرى، ما وصفه مراقبون خطوة نحو خلق واقع جديد شبيه بالواقع الإيراني في المؤسسات الحكومية.
وقال مراقبون، إن ما يحدث هو إعلان ضمني من المليشيا بفرض نظام ولاية الفقيه في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وإجبار اليمنيين على التكيف مع هذا النظام العنصري الذي يتعارض جملة وتفصيلا مع قيم وثوابت الجمهورية، لكنه يمنح المليشيا مزايا عنصرية وصلاحيات استبدادية لتوسيع عمليات الاضطهاد وتكريس واقع الإرهاب ضد كل من لا ينتمي إليها سلاليا أو يقبل أن يكون في منزلة العكفي لديها.
ويرى كثيرون أن ما يحدث يعد تطورا خطيرا وغير مسبوق، ويكشف جليا أن المليشيا ماضية لفرض الهوية الإيرانية واستنساخها حرفيا في اليمن، وقمع أية أصوات مناهضة تتمسك بالهوية الجمهورية وترفض الانصهار بالمشروع الجديد؛ مشيرين إلى أن المليشيا وهي تحضّر لهذا المشروع بعجالة تتهيأ لارتكاب مجازر ضد اليمنيين الذين سيرفضون بالتأكيد التماهي مع مشروع إيراني يتناقض كلياً مع هويتهم الجامعة وانتمائهم الوطني وحتى مبادئهم وعاداتهم وتقاليدهم.