كانت الفجوة في علاقات اليمن مع العالم نتيجة تداعيات الحرب الحوثية، أبرز الأسباب التي خلقت مواقف دولية ضبابية من الأزمة في اليمن، حيث أدى التراجع في ترسيخ العلاقات إلى تململ دولٍ عديدةٍ، وتحفظ أخرى عن تقديم دعم حقيقي للشرعية التي كرّست جهدها في مواجهة المشروع التوسعي الإيراني و الانقلاب الحوثي مع قصور ملحوظ في تدعيم ذلك بتوطيد علاقاتها الثنائية بالعالم.
من هذا المنطلق، تحمل زيارة نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي- قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي طارق صالح، أهمية كبيرة وبالغة، ولكونها إلى موسكو، فأهميتها أكبر، كونها ذوّبت الكثير من التكهنات حول مواقف موسكو من الأزمة اليمنية والدور الذي تلعبه في هذا الجانب.
في الأشهر الماضية، كان الإعلام الدولي يتحدث عن ملامح "دعم روسي لمليشيا الحوثي" أثار مخاوف واسعة النطاق، لكن زيارة نائب رئيس مجلس القيادة كشفت العكس من ذلك، فروسيا " تقف مع شرعية الدولة اليمنية وتدعم الحل السلمي الذي يحقق مصالح اليمنيين ويحفظ كرامة وحرية الشعب ويحمي مصالحه ويعيد اليمن دولة لجميع مواطنيه تحت حكم الدستور والقانون والمصالح المشتركة"، كما أكد طارق صالح.
والدلالة الراسخة على انسجام العلاقة بين روسيا والشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة وتطلع الجانبين إلى تطويرها، يترجمها القرار الروسي بإعادة فتح سفارة موسكو للعمل من مدينة عدن، حسبما أبلغ بذلك وزير الخارجية سيرجي لافروف طارق صالح أثناء اللقاء الذي جمعهما بالأمس.
أخذ طارق صالح على عاتقه، ومن منطلق مسؤولياته الوطنية، العمل على إعادة بناء جسور العلاقة مع القوى الدولية الفاعلة، فزيارته إلى موسكو ليست الوحيدة في هذا المسار، سبقتها زيارة إلى المملكة المتحدة أواخر فبراير الماضي بحثت مجموعة من المواضيع والقضايا المتعلقة باليمن والمنطقة.
وكلا الزيارتين، وفق سياسيين، تحمل نفس الأهمية كونهما تساهمان بشكل فاعل في "تصحيح المواقف الدولية حول اليمن"، كما تحملان دلالات عن وجود حراك فاعل داخل مجلس القيادة الرئاسي يستهدف إذابة المخاوف الدولية وتحقيق مستوى عالٍ من الانسجام في العلاقات المشتركة بما ينعكس على إعادة تصويب مواقف القوى الكبرى وحشد دعمها خلف السلطة الشرعية.
وبحسب المصادر، ساهم "انكماش العلاقات وذبول الحراك الديبلوماسي" في الفترة الماضية، في خلق فجوات أتاحت للمؤثرين الدوليين بناء تصوراتهم عن الأزمة اليمنية بشكل خاطئ، والتعامل مع مليشيا الحوثي بطريقة متراخية سمحت لها بنقل تهديدها من البر إلى البحر.
وتشير المصادر إلى أن تحركات بهذا المستوى، سيكون لها الأثر في تأمين ثقة المجتمع الدولي بالشرعية ودعمها، ومساندة خياراتها في معالجة الأزمة وإنهاء الحرب التي تسببت بها مليشيا الحوثي، سواءً أكان ذلك عبر الحل العسكري أم السياسي، خاصة بعد انكشاف المليشيا أمام العالم كتهديد إيراني واضح يستهدف المصالح الدولية وليس الشعب اليمني فقط.