عقب إعلان مليشيا الحوثي الإرهابية حلّ ما سُمي المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، كانت بعض التوقعات تتأمل أن تُقدم المليشيا على خطوةٍ تالية يتم بموجبها الإفراج عن موظفي الإغاثة المختطفين لديها، لتحريك هذا الملف المعبأ بانتهاكات فظيعة مارستها المليشيا المدعومة من إيران، واحتواء الاحتجاج الحقوقي والتذمر الذي تبديه منظمات الإغاثة.
على غير التوقعات، التي وُضعت في هذا السياق، أطلق الحوثيون مرحلة جديدةً من إرهاب العاملين في قطاع الإغاثة والتدخلات الإنسانية، وبدأوا إحالة بعض الموظفين الى المحاكمة بعد إفراطٍ وحشي في التعذيب الذي نال من نحو 130 موظفًا يعملون في وكالات إغاثة ومنظمات دولية، ومؤسسات محلية، اختُطفوا في فترات متفاوتة، أغلبهم منذ مايو الماضي.
وقال بيان صادر عن رؤساء الكيانات التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية المتأثرة من هذه الممارسات القمعية، في بيان مشترك وقع عليه عشرة ممثلين؛ إن المليشيا الحوثية أحالت "عددًا كبيرًا" من الموظفين المختطفين إلى "النيابة الجزائية" من بينهم ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة، اثنان من اليونسكو وواحد من مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الذين تم اختطافهم في عامي 2021م و2023م.
وتتخوف أوساط حقوقية من هذه الخطوة التي أقدمت عليها مليشيا الحوثي لشرعنة التهم التي ألصقتها بالموظفين المختطفين الذين تسمهم بالتجسس لصالح دول أجنبية، عبر مُحاكمات صورية تقيمها محاكم بلا مشروعية تستخدمها المليشيا كعصا غليظة لممارسة الإرهاب في أبشع صوره ضد "أبرياء سخّروا سنوات من عمرهم في خدمة المجتمعات الضعيفة" المتأثرة من حرب المليشيا الإيرانية.
مصادر حقوقية وصفت إحالة الموظفين المختطفين الى المحاكمة بهذه الصورة الفجة بأنها "تطور خطير ينذر بمستوى مرعب من الإرهاب المنظم الذي تمارسه المليشيا الحوثية".. مشيرةً إلى أن "هذه اللحظة الحاسمة تضع الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها أمام مفترق طرق لتخليص وإنقاذ موظفيها من مقاصل الإعدام التي يجهزها الحوثيون، فيما يبدو، لتنظيم عمليات إعدام جماعي".
حتى الآن، كان أكثر فعل احتجاجي من الأمم المتحدة على هذه الممارسات، وقف كافة الأنشطة غير المنقذة للحياة في عموم مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، "لكن هذه الطريقة غير مجدية مع جماعة إرهابية لن تتورع عن الوصول إلى مستوى مفزع من الجريمة ما لم يُتخذ موقف حازم وفاعل يضمن إطلاق سراح هؤلاء الموظفين قبل فوات الأوان" بحسب حقوقيين.
ويرى مدافعون عن حقوق الإنسان ومسؤولون في قطاع الإغاثة، أن الارتدادات الكارثية لهذه الممارسات على اليمنيين لم تظهر بعد على النحو الواضح، و"ستظهر مع بداية العام الجديد عندما يُحجم المانحون الدوليون عن تمويل الأنشطة الإنسانية في مناطق سيطرة المليشيا؛ ردًا على هذه الممارسات"، الأمر الذي سيجعل ملايين اليمنيين حينها في مواجهة مباشرة مع المجاعة بلا أي سند.