حتى اللحظة، لم تترسخ أي قناعة لدى المراقبين والمهتمين بشأن "جدية" التحركات الغربية لمجابهة الأنشطة الإرهابية التي تديرها إيران لاستهداف الملاحة في البحر الأحمر، عبر أداتها في اليمن (مليشيا الحوثي)، سواء التحالف الأمريكي البريطاني (حارس الازدهار) أو تحالف (أسبيدس) الأوروبي.
وطُرحت الكثير من الملاحظات حول هذا الدور، الذي قارب على بدئه عامٌ كامل بهدف "جعل المياه الدولية أكثر أمنًا" والتصدي للأنشطة الإرهابية التي تقوض حركة الملاحة عند أحد أهم المضايق البحرية الحيوية في العالم، بعد أن أضرت هجمات المليشيا بحرية الملاحة في هذه المنطقة وأعاقت سلاسة الشحن عبرها إلى أنحاء العالم.
ويرى خبراء عسكريون أن الضربات الأمريكية البريطانية على مواقع في مناطق تسيطر عليها مليشيا الحوثي "فاقدة للأهمية وليس لها تأثير فعّال في الحد من قدرات المليشيا"؛ كونها تستهدف دائمًا مواقع مستهدفة من قبل، و"تأتي في سياق بعث الرسائل وليس الردع"، بينما لا تزال المهمة الأوروبية البحرية متمحورة عند "مسؤولية التصدي لا الهجوم".
ونظمت إيران مناورة بحرية لمليشيا الحوثي قُبالة سواحل الحديدة، بعد أسابيع من عمليات حشد للمجاميع والأسلحة إلى المحافظة الساحلية، بينما ظلت الأساطيل العسكرية الغربية تتابع مجريات النشاط الإيراني من موقع المتفرج، وهو ما عزاه المراقبون إلى "عدم وجود نية حقيقية لكبح الأعمال الإيرانية المهددة للاستقرار".
وتضمنت الأسلحة المُستعرضة ألغامًا بحرية، وزوارق مفخخة موجهة عن بُعد، بالإضافة إلى صواريخ مسيّرة على سطح المياه، وجميعها- وفق محللين عسكريين- "أسلحة إيرانية يدير عمليات تركيبها وتوجيهها خبراء من الحرس الثوري الإيراني متواجدون في اليمن لغرض استخدام هذ الأسلحة وتقديم الدعم والمشورة للحوثيين".
كانت الألغام البحرية التي استخدمتها مليشيا الحوثي، ولا تزال، خطرًا يستهدف ضحاياه بشكل عشوائي، حيث قُتل عشرات الصيادين بفعل هذه الألغام التي تتحكم في توجيهها التيارات المائية، فتصبح أجسامًا متفجرة بمجرد ارتطامها بأي أجسام أخرى في الغالب تكون قوارب الصيادين التي يعج بها البحر الأحمر.
وكان الصيادون أكثر من دفع الثمن لمقامرات إيران في المياه اليمنية، حيث لوحظ لجوء مليشيا الحوثي إلى استخدام قوارب مطابقة لتلك التي يستخدمها الصيادون في الهجمات على السفن، ما جعلهم عرضة لخطر الاستهداف، الأمر الذي يُفسر فقدان عشرات الصيادين في المجهول، من ضمنهم 40 صيادًا من أبناء الخوخة يُجهل مصيرهم منذ شهر.
وبحسب المصادر، فإن حسابات الغرب تجاه مليشيا الحوثي ما تزال متململة، ولم يبنِ أي مقاربة جادة إلى اللحظة تصنف مليشيا الحوثي كخطر، "رغم أنها كذلك"، مشيرين إلى أن "سوء التقدير والتعامل مع هذا الخطر ناتج عن إخفاق واضح في حسابات القوى الدولية التي لم تدرك إخفاقها في اتفاق ستوكهولم إلا في وقت متأخر، وقد تدرك إخفاقها الحالي أيضًا في وقت متأخر".