سبع سنوات مرّت على انطلاق عمليات المقاومة الوطنية في جبهات الساحل الغربي، التي جاءت من قلب بركان ثورة الثاني من ديسمبر.. سبع سنوات منذ كتب الأبطال أول سطور ملحمة مباركة تفاصيلها حيّة في ذاكرة كل جندي وكل يمني حر.
فحين ظنت المليشيات أنها استطاعت إسكات صوت الجمهورية بإسقاط صنعاء، لم تكن تدري أنها في الواقع بعثت روحًا ساكنة تحت الرماد، روحًا كانت تتخلق من خلف جمر التآمر والخديعة.
كانت المقاومة الوطنية الجواب الحاسم، بالفعل لا بالقول، لتلك الفقاعات التي ظل الحوثي يتغنى بها، واهمًا نفسه والمغرر بهم من أتباعه أنه لا يُهزم.
لم تكن المقاومة الوطنية مجرد ردة فعل أو حدثًا عابرًا، بل كانت لحظة وعي وطني، انفجرت فيها الكرامة من قلب الخذلان، لتؤكد للعالم أن لهذه الأرض رجالًا يحمونها، و"كلما ولى عن الساحة فيها عظيم ولدت منا عظيمًا، خلفه نمضي ولا خلف لنا"، كما شدا أيوب بحق من قبل.انطلقت المقاومة، التي لا يختلف عليها من يعرف معنى الجمهورية، ومعها انطلقت آمال الشعب، ودعوات المقهورين ترتفع إلى السماء، تخترق الظلم كما تخترق السهام قلب العدو، وبرغم الصعوبات التي سبقتها، والتي وُصفت بأن تجاوزها مستحيل، كانت الإرادة التي لا تُقهر كفيلة بصناعة المعجزات.
لم يرفع جنود المقاومة شعار حزب، ولا راية جماعة، بل قاتلوا تحت علم الجمهورية، جنبًا إلى جنب مع إخوانهم في ألوية العمالقة والمقاومة التهامية، وكتبوا فصولًا من البطولة على تخوم الحديدة، وحتى حين جاء اتفاق ستوكهولم ليجمّد المعركة، كما حلمت المليشيات الحوثية الإيرانية، لم تخمد نيران الإرادة، ولم يتوقف الاستعداد لمعركة الخلاص؛ فقد كانت رؤية القيادة وحنكتها واضحة منذ اللحظة الأولى: صنعاء هي البوصلة، واستعادة الدولة هي الهدف.
ورغم المتغيرات، ظلّت المقاومة ثابتة على المبدأ؛ تُعيد التموضع حين يلزم، تبني، توحد الصف وتجمع الكلمة، لا تضيع البوصلة ولا تقبل إلا بالنصر الكامل: استعادة صنعاء ومؤسسات الدولة.
ولأنها لم تكن ولن تكون مشروع ثأر- كما أكد العميد طارق صالح مرارًا وتكرارًا- بل مشروع دولة، أصبح المقاتل جيشًا جمهوريًا، عقيدته الولاء لله والوطن، واستراتيجيته بناء الإنسان واستعادة كرامته وحريته.
واليوم، في الذكرى السابعة، لا تزال الروح كما كانت في يومها الأول: مشتعلة مؤمنة عنيدة، مشروعها لم يتآكل، ورهانها لم يسقط، بل يزداد وضوحًا وصلابة بقيادة قائد شجاع أثبت أن الدولة لا تُصنع بالكلام، بل بالعزيمة، وأن الميدان لا يحترم إلا من يحترق من أجله ويعيش فيه.